القائمة الرئيسية

الصفحات

الآن، بإمكانكم إرسال الفقرات والأعمال الابداعية التي ينجزها تلاميذكم ونحن نتكفل بنشرها في موقعنا

منظومتنا التربوية ليست منكوبة !

 




بقلم الأستاذ رابح لكحل

---------منظومتنا التربوية ليست منكوبة...!------

" المنظومة التربوية منكوبة "...! حكم قاسي أشتهر بيننا وتداولته الألسن(عن وعي أو بدونه..)، وأصبح من المتفق عليه بحيث درج الكثير من الناس (من داخل قطاع التعليم أومن خارجه )على إستعماله وترديده كلما سنحت مناسبة للحديث عن وظيفة التربية والتعليم. وكان هذا نتاج عملية تزييف عميقة تعرض لها وعينا الجمعي فدُفع دفعا للتسليم بهذه النتيجة  دون تمحيص لخلفياتها ، ولاتساؤل منطقي عن مصدرهذا الإقرار..؟ ، أو أهدافه..؟.. أليس من العدل و الموضوعية قبل قبولنا بحكم وتناقله أن نناقشه من ناحية الشكل ومن ناحية المضمون..؟ ، تماشيا مع قواعد أساسية تحكمنا كمسلمين مثل القاعدة القرآنية في نقل الأحاديث:
<.. وَلَوْلَاإِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا...>..؟!
          1-من ناحية الشكل: قبل نقله وترديده لنتساءل عن الجهة التى أصدرت هذا لحكم ، أي متى وأين تم تقييم القطاع ومردوده من جهة..؟ ومامدى شرعية الهيئة التي أصدرت القرار من جهة أخرى..؟ ، والأهم مامرجعية الذي  أصدرهذا الحكم(ماهي المعايير التي إعتمدها في تقييمه للمنظومة التربوية)..؟ولتوضيح مانقصده أكثر نرسل هذه الإشارات:
- بالعودة إلى الوراء قليلا نجد أن أول ماظهر مصطلح "منكوبة" كان في وسائل الإعلام وأستعملته بكثافة الجرائد 'الفرنسية' بالجزائر على وجه الخصوص عند الحديث عن التربية والتعليم وكتحصيل حاصل للدعاية الإعلامية المركزة تقبل الناس هذا الحكم الجائر ثم تشَّربوه 'عودا عودا' حتى أصبحوا يرددونه هم كذلك..        -بالرغم من أن الجهة التي أطلقت الحكم ورعته بالدعاية الممنهجة في أصلها أقلية سياسية مؤدلجة إلا أنه قُدم (بتزييف وتغليط مدروس..)على أنه حكم علمي يرتكز على منطلقات ومعايير بيداغوجية.. 
-فالتيار الفرانكو-تغريبي(مُدّعوا التنوير..) الساعي للسيطرة والمُصّر على محاولته -اليائسة- لإعادة تشكيل المجتمع، وضع نصب عينيه العملية التربوية كمتكأ أساسي لتنفيذ مشروعه..
- ففي تقدير(مُدّعوا التحضرالزائف..) أن هذا القطاع خُطف على غفلة منهم  وعليهم إسترجاعه ووضعوا لذلك خطة من مرحلتين إثنتين:
المرحلة-١-: هدم مابني مند الإستقلال بإشاعة تهمة الفشل وإتهام القائمين عليه بالعجز(تحت عنوان النكبة..)
المرحلة-٢-: الظهور بمظهر البطل المنقد والحاضر بخطة بديلة (حديثة في منهجها ، عالمية في قيمها ، مضمونة في فعاليتها..!)..
وهذا يضمن له تنفيذ مخططه دون مقاومة تذكر
-ووقع فعلا ماخطط له بنسبة كبيرة طبقت ميدانيا خاصة في فترة الوزير مصطفى لشرف( 1977 إلى 1979) ثم في فترة المتنورة بن غبريط رمعون(2014 إلى 2019) وريثة طروحاته ( الكولونيالية في منهجها وقيمها..) 
               2-من ناحية المضمون: لو بدأنا بالمعنى اللغوي البسيط نجد أن مصطلح منكوب يطلق على من كان ضحية كارثة ( طبيعية ، صناعية ،.. ) أوحادث (بشري أو اجتماعي ،..) وألحقت به ضرراً بالغاً .وإذا طبقنا التعريف على منظومتنا التربوية(التي لم تتعرض لكارثة طبيعية أو صناعية ولله الحمد والمنة) نجد أن:
- أقرب تفسير لنكبتها(على رواية المتنوريين )هو الحادث الاجتماعي (أو لنقل البشري) ، والحادث الوحيد والأبرز هو ثورة نوفمبر المجيدة ..
-والضررين البالغين الذي ألحقتها بالمنظومة هي: #-تحريرها من التبعية إلى الغرب الفرنسي خصوصا.. ، #-العمل على إعادة ربط الأمة بقيمها ولغتها..
 وهذا ماخلق حالة من الذعر والرعب لدى أنصار "الفرنسية غنيمة حرب "ومن ورائهم كفيلهم وراعيهم ممثلا في الغرب المنافق عموما وفي إستعمار الأمس على وجه التحديد....وقد يرى بعضهم أن ربطي بين شعار النكبة وثورة التحريرغير منطقي ولايستقيم فأقول :
- لو تقارن بين مشروع  لشرف في نهاية السبعينات ومشروع رمعون في بداية الألفية الحالية لوجدتهما متطابقين تماما:
فالمتنور لشرف {الذي أطلقت فرنسا (الحنونة )سراحه في 61 -بخلاف باقي الزعماء- ثم خدعها(المغفلة) وألتحق بالثورة إنطلاقا من أراضيها..!} ركز مشروعه على:  *-فصل المنظومة عن قيم الأمة وأصالتها(أهم مظاهره مسارعته لإلغاء  ماكان يعرف بالتعليم الأصلي<المعاهد الدينية>..)
         *-تثبيثه للفرنسية كلغة تدريس(خاصة في الجامعة) وعرقلته لعملية التعريب
         *-الإختفاء وراء  شعارات الحداثة والعالمية 
وبنفس الأهداف(المعلنة..!) وبإستعمال نفس الوسائل نجد أن رمعون سعت لنفس الأهداف وأستعملت نفس الشعارات ، فما أن تسلمت وزرارة التربية حتى إجتهدت في إتمام مشروع أبيها الروحي ، مع ملاحظة أنها(بخلاف وضع لشرف في السبعينات) واجهت مقاومة كبيرة بسبب التطور والوعي الكبير الذي طرأ على المجتمع ، ورغم ذلك وبدعم كبير وعلني من عدة أطراف من الداخل( أبرزه من قائد المخابرات حينها طرطاق) ومن الخارج:  
*-سعت بشراسة لإتمام  فصل المنظومة عن قيم المجتمع بتركيزها على : محاربة تدريس علوم الشريعة تماما ،فلما فشلت حاولت السيطرة على المدارس القرآنية رغم أنها تتبع وزارة أخرى ، فلما فشلت رضيت بالجانب الشكلي(حذف البسملة ، حذف وتغيير في مناهج مادة العلوم الشرعية..) ، ولم تتوقف عن إتهام الدين بكل الشرور في تصريحاتها التي لاتنتهي
*-إصرارها على إعادة الفرنسية كلغة تدريس وإبعاد العربية بقدر المستطاع (تصريحاتها القادحة في العربية وإتهامها بالعجز ثابثة..) ، فلما فشلت إقترحت إستعمال الدارجة في التعليم ، فلما فشلت رضيت بتمرير بعض الإجراءات الشكلية كإدخال مادة الفرنسية في جميع الإمتحانات المهنية..الخ
*-الإختفاء وراء شعارات العالمية والحداثة والتي  تعني عندها وعند تيارها الطرح اللائكي بنسخته الفرنسية المتطرفة 
               3-والنتيجة : ليعي من لاينتمي إلى هذه الأقلية( المتطرفة في أساليبها والمتغربة في أفكارها..)أن منظومتنا التربوية ليست منكوبة ، وهي مثلها مثل أي منظومة في أي ميدان لها مالها وعليها ماعليها ، وإن أردنا تطويرها (-برفع مستواها.. -وتحسين مردودها..) فالحل بسيط (وليس سحريا) ويرتكز على :
١-التقييم الدوري والمستمر للمنظومة من قبل مختصين وفق معايير وطرق بيداغوجية بحتة بعيدا عن الطرح التغريبي المؤدلج والمتطرف
٢-إيلاء التعليم الاهتمام السياسي والرعاية المادية التي يستحقها وضرورة تبني نظرة جديدة تقوم على فكرة : "التعليم قطاع منتج "
ونقول لورثة 'لشرف' أن إرتباط المجتمع بقيمه ولغته ثابت وغير قابل للنقاش والتعديل ومشروعكم غير قابل للتحقيق ولو كان كذلك لنجح راعيكم(الإستعمار الفرنسي ) طيلة المدة التي قضاها في قهره وتدميره الممنهج لنسيج المجتمع الجزائري وقيمه..


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات