القائمة الرئيسية

الصفحات

الآن، بإمكانكم إرسال الفقرات والأعمال الابداعية التي ينجزها تلاميذكم ونحن نتكفل بنشرها في موقعنا

 



دراسة كتاب " مذكرات ويليام شالر "         

إنجاز الأستاذ عبد النور خالد

للحصول على كل الدراسة + التهميش الكامل راسل صاحب الدراسة عبر حسابه على الفيسبوك  بالضغط هنا: عبد النور خالد



خطة الدراسة:                                                                  

التعريف بالكاتب.

التعريف بالكتاب.

ملخص لأهم الأفكار الواردة في الكتاب.

عرض لبعض آراء الكتّاب حول الكتاب.

نقد وتقييم الكتاب.

1- التعريف بالكاتب ويليام شالر: قنصل وكاتب أمريكي، ابن تيموثي وسيبدال، ولد في 1773م ببريدجبورت (Bridgeport) بالولايات المتحدة الأمريكية، عمل كقائد بحري بين 1803م – 1808م ونشر أخبار رحلاته في كتاب تحت عنوان: جريدة الرحلات بين الصين وساحل أمريكا الشمالي الغربي، عمل قنصلا في هافانا ثم وكيلا رسميا لجوزي ألفاراز دو طوليدو،  كما عمل قنصلا عاما للولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر ثم هافانا (مرة ثانية) توفي يوم 29 مارس 1883م بهافانا (كوبا)  


2- بيبليوغرافيا الكتاب:

اسم المؤلف: ويليام شالر (William Shaler)

عنوان الكتاب: بالعربية مذكرات ويليام شالر. بالإنجليزية (sketches of Algiers)

الوصف الخارجي: يحتوي على 335 صفحة (حجم متوسط) بغلاف خارجي أبيض

حجم الكتاب: صيغة pdf

دار النشر: الكتاب الأصلي:Cummings Hillard Boston  الكتاب المترجم: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر.

تقديم وتعريب وتعليق: إسماعيل العربي 


الإطار الزماني: صدر الكتاب سنة 1826م وترجم للعربية سنة 1982م

الإطار المكاني: بوسطن – الولايات المتحد الأمريكية.

محتوى الكتاب: ضم الكتاب مقدمة و7 فصول:

الفصل الأول: خصّه لبيان حدود وامتداد الجزائر، المظهر العام للبلاد، الجبال، المناخ، التربة، الحيوانات، الأنهار، الشواطئ، التقسيم السياسي، المدن والسكان (الجغرافية الطبيعية، السياسية والبشرية).

الفصل الثاني: خصّه لثقافة البلد ومميزاته السياسية والمدنية إذ تحدث عن الدين واللغة، شكل الحكومة، التبعية للإمبراطورية العثمانية، المؤسسات السياسية والمدنية والقضاء، اضافة للعلاقات مع الدول الأجنبية.


الفصل الثالث: خصصه للجزائر العاصمة تكلم فيه عن موقعها وامتدادها، طوبوغرافيتها وتحصيناتها، حكومتها، التحصينات العسكرية، ثروة السكان، أمن الأشخاص ورخاؤهم، أنواع السكان ومميزاتهم، حالة العلوم والمعارف، العادات الاسلامية، جمال النساء، المنتجات الصناعية، المنازل والطرق والأحياء السكنية، حالة العبيد المسحيين في الجزائر، التجارة، حياة البذخ في الجزائر وآثاره، سهول متيجة.

الفصل الرابع: أفرده للأجناس التي تسكن البلاد، وحاول تحديد أصلهم المرجح، سلوكهم، شخصيتهم وثقافة كل جنس.

الفصل الخامس: معالم التاريخ السياسي للجزائر من 1810م إلى 1825م وهو أطول فصل في الكتاب لأهميته وخطورته وجلّ حديثه ها هنا منصب على نشاط الأسطول الجزائري وعلاقة الجزائر بالدول الأجنبية وقد وضح الكاتب في هذا الفصل ضعف تحصينات الجزائر كما تحدث الكاتب عن حملة اكسموث.

الفصل السادس: خصصه للكلام عن المصير المحتمل لهذا البلد الجميل الذي وصفه بأعظم موقع في إفريقية لاستكشاف القارة ولنشر التجارة في الداخل، وهو الفصل الذي برزت فيه نوايا الكاتب الاستعمارية وروحه الصليبية بشكل فاضح.

الفصل السابع: مستخلص من اليوميات التي كان يسجلها شالر في القنصلية الأمريكية ركز فيها على العلاقات الجزائرية البريطانية المتوترة آنذاك بسبب عودة الجزائر لاسترقاق المسيحيين.

ملحقات الكتاب: أدرج ويليام شالر مجموعة من الملاحق المهمة:

- الرسائل المتبادلة بين اللورد إكسموث والداي 

- تفاصيل تدمير الأسطول الجزائري في الميناء

- رسائل للداي موجهة إلى ملك بريطانيا

- تصريح الداي بإلغاء استرقاق المسحيين في الجزائر

- معجم للكلمات الأمازيغية وترجمتها بالعربية 

- كشف ووصف للأسطول الجزائري 

- خريطة لمنطقة الجزائر وأخرى للمدينة خلال تلك الحقبة من الزمن

- جدول للمكاييل والموازين الجزائرية.        

3- التعريف بالكتاب: كتاب "مذكرات ويليام شالر" وفي الأصل الانجليزي sketches of Algiers من تأليف الكاتب وقنصل الولايات المتحدة الأمريكية ويليام شالر بالجزائر بين 1816م – 1824م، ألفه سنة 1826م، ألف كتابه بعد إقامته بالجزائر وتعرفه على أحوالها السياسية، الثقافية والطبيعية، ترجم الكتاب من طرف العربي إسماعيل سنة 1982م عبر الشركة الوطنية للنشر والتوزيع بالجزائر. كتب الكتاب بخط واضح لكن بعض الصفحات ممسوحة الكتابة تقريبا ويصعب على القارئ فهم كلماتها.

4- أهم أفكار الكتاب: افتتح شالر كتابه بالحديث عن الجغرافيا الطبيعة (الحدود والتقسيم السياسي)، الجغرافيا الطبيعية (الجبال، الأنهار، المناخ والتربة) والجغرافيا البشرية (السكان والمدن) إذ ذكر أن الحدود الغربية تتوقف على بعد حوالي 40 ميلا شرق نهر ملوية، أما شرقا فتحد الجزائر تونس وجنوبا فالكاتب يؤكد أن الحدود غير محددة ويكتفي بذكر الصحراء الكبرى كحد، أما عرض البلاد فيتراوح بين 40 – 60 ميلاً وهي أرض تلية زراعية معتدلة المناخ تتخلها جبال، مستنقعات وسهول، أما الحدود الشمالية للصحراء (يسميها الجريد وقد رفض التفصيل فيها لجهله بطوبوغرافيتها) وقدر شالر مساحة الجزائر بحوالي 30 ألف ميلاً.

ثم يعرج شالر على المناخ ويقسمه الى فصلين فقط الأول معتدل من أفريل الى سبتمبر وفصل ممطر من نوفمبر حتى أفريل وهو ما جعل تربة البلاد خصبة وانتاجها وفير وذو جودة (كالقمح، التمور، الفاكهة) رغم بدائية الوسائل الزراعية.

أما من حيث الغابات فيؤكد شالر أن المناطق الساحلية قليلة الغابات وان المصادر المائية قليلة بانعدام الأنهار ووجود بعض الوديان أهمها واد الشلف. ويعتبر الكاتب أن مينائي ستورا وبجاية هما الوحيدان الذين يوفران الحماية للسفن من الرياح في ظل عدم استكشاف كل الساحل الذي يملك موارد سمكية ثرية إضافة لأجود أنواع المرجان الذي تحتكر استخراجه فرنسا مقابل مبالغ زهيدة تدفعها للداي.

ينتقل بعد ذلك الكاتب إلى التقسيم السياسي للبلاد معطيا تفاصيل طوبوغرافية وبشرية عن الولايات الثلاث (قسنطينة، التيطري ووهران) ويعدد مزايا اهم المدن كبجاية، البليدة، مستغانم، تلمسان، شرشال، المدية... وهي مدن استراتيجية فقدت أهميتها بسبب الإهمال.  

في الفصل الثاني تكلم شالر عن كيفية دخول العثمانيين للجزائر وتثبيتهم لحكمهم بالقوة وحرمان السكان من حريتهم ثم يذكر ان الحامية التركية في الجزائر استقلت عن الباب العالي في تسيير الايالة منذ أواسط القرن السابع عشر مع بقاء التبعية الاسمية للباب العالي.

- نظام الحكم: ينتقد الكاتب نظام الحكم الذي قام على الغزو مع سيطرة الإنكشارية (الذين يجمعون ثروتهم من الرشاوي وابتزاز غيرهم) على كل المناصب الشرفية أو تلك التي تدر المكاسب كما وصف التسيير بالانفرادي (في يد الداي الدي يعين وزراءه بنفسه) بعد أن صار الديوان حبرا على ورق (جمهورية عسكرية) فالسلطة في يد الداي كليا والتداول عليها يكون بالمؤامرات الدموية وعمليات النهب والانتقام من كل المعارضين فالأتراك معروفون بقسوتهم!! 

يعين الداي 3 بايات ويمنحهم سلطته الاستبدادية لإجبار سكان الولايات الثلاث على دفع الضرائب وكل محاولة من الباي للتعامل بعدل ولين تعتبر ذنبا يدفع صاحبه حياته ثمنا له.

انتقد شالر نظام القضاء غير العادل الذي يفرق في العقاب بين العربي والتركي ويتدخل فيه نفوذ كبار المسؤولين ويغيب فيه حق المرافعة للمتهم بسبب انعدام المحامين في البلد ثم يعود الكاتب ويثني على تكاليف التقاضي الزهيدة ويقول أنها مؤشر على نية الحكومة في تحقيق العدل.

أبان شالر في كتابه عن كره شديد للدولة العثمانية والأتراك ووصفهم بالقوميين المتغطرسين الذين سيطروا على كل أشكال الثروة حارمين منها السكان الأصليين أما الجيش الإنكشاري فانه لم يسلم من النقد إذ وصف جنوده بالمجرمين الذين جمعوا من أحط الطبقات الاجتماعية لكن بمجرد انضمامهم للجيش الإنكشاري فانهم يحصلون على امتيازات كثيرة وبإمكانهم الوصول لأعلى المراتب على حساب الأهالي (والكراغلة) الذين يعتبرون سكانا من الدرجة الثانية، ثم يدعوا شالر الحلف المقدس إلى مساعدة الجزائريين من ظلم الأتراك خاصة بعد بداية تراجع قوة الأتراك وتراجع مداخيلهم اذ سجلت الميزانية سنة 1822م عجزا بقيمة 424 ألف دولار.

يذكر شالر أن الجيش التركي يتشكل من أتراك، كراغلة وعرب ولا يتعدى تعداده 15 ألف جندي، أما البحرية فهي قوية وقادرة على آداء كل مهامها لكنه يرجع الجرأة الخارقة للبحرية إلى مؤامرات الأوروبيين وجشعهم، يحصر عدد البحارة بين 3 و6 آلاف بحار بقدرات عادية ككل البحارة العالميين والدليل هو تحطم الأسطول الجزائري في حملة اكسموث 1816م ويحاول شالر أثناء حديثه عن الجيش والأسطول الحط من قيمتهما واستصغار قدراتهما (دولة ذات قوة لا قيمة له) ويتعجب كيف فرضت الضرائب على دول أوروبا دون مناقشة.

يقوم النظام السياسي في الجزائر على القرصنة وأي دولة لا تشتري رضا الجزائر بمعاهدة صلح تدفع على إثرها ضريبة سنوية (كالبرتغال، السويد، الدنمارك، نابولي) تعتبر في حالة حرب معها، أما لدول التي ترتبط معها بمعاهدات (مثل الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، هولندا، سردينيا) فإنها تستقبل قناصل عامين كوكلاء لبلدانهم على أن يدفعوا هدايا قيمة جدا للداي يوم دفع أوراق اعتماده حتى صارت هذه الهدايا واجبا على الدول تأديته كل سنتين، ثم يعرج الكاتب على تراجع هيبة الجزائر بذكر بعض البروتوكولات التي زالت مؤخرا كتقبيل يد الداي يوم العيد ورفض البعض الحضور أصلا لتهنئة الداي.

أما سياسة الحكومة مع العرب فيلخصها شالر في مسألة دفع الضرائب ويؤكد على قسوة الخزناجي في جمعها مهما كانت ظروف السكان فاذا ضاقت الحال واعتذر شيخ العرب على دفعها فقد يصل الأمر إلى الجلد أو القتل. 

- وصف الجزائر العاصمة: يرجع شالر أصل التسمية في العربية إلى جمع جزيرة ويضيف أن العاصمة قد بنيت فوق مدينة ايكوسيوم القديمة، وهي مركز البلاد اذ تحوي دور الصناعة، الأسلحة، الذخيرة وهي مركز السلطة، تتمتع العاصمة بميناء واسع يحمي السفن من الرياح. تتمتع العاصمة بتحصينات قوية بالمدافع الثقيلة تمتد حتى الممر الممتد في البحر تجعل أي محاولة بحرية ضدها تفشل، كما تحيط بالمدينة اسوار تعلوها أبراج وحصون وخلفها خندق، ثم يسترسل الكاتب في وصف طرق المدينة وسهولها وتعداد سكانها بشكل مفصل يدل على معرفته الجيدة بالمدينة. ثم يعرج شالر على تحصينات المدينة ويذكر أن حصن الامبراطور لا يملك دفاعات متقدمة ولا تحيط به خنادق (نقطة ضعف) ثم يصف الطريق الرابط بين سيدي فرج وحصن الامبراطور ويحدد المسافة بينهما ب9 أميال تكثر فيها العيون مع إمكانية استخدام منطقة ضريح سيدي فرج كقاعدة عسكرية استراتيجية، ويذكر شالر أن نزول كل قوات الحملات السابقة كان جهة الشرق وقد أرجعه إلى الجهل بطبوغرافية العاصمة لأن كل تحصيناتها مركزة شرقا عكس الغرب (سيدي فرج) الذي يخلو تقريبا من التحصينات، فإذا نزل الجيش غربا أمكنه السيطرة على الهضاب المسيطرة على حصن الامبراطور والاستيلاء عليه إما بتسلق أسواره أو نسفه (يصف شالر الحصن أيضا ليسهل التعرف عليه) كما اقترح القنصل الأمريكي أن الانزال في سيدي فرج يجب أن يرافقه ظهور سفن بحرية في خليج العاصمة للتمويه على العدو وعندها تستسلم المدينة أو تؤخذ عنوة فالحامية التي تحميها لا تتعدى 4000 رجل من كبار السن والجنود حديثي العهد بالجندية.

الى جانب الحكومة التركية توجد إدارة محلية تتشكل من شيخ البلد، قائد الميلشيا المدنية ومدير الشرطة، ويذكر شالر ان العاصمة هي من أكثر مدن العالم أمنا وأكثرها ثراءً. وفي مقابل ذلك يذكر شالر أن العلوم منعدمة بالجزائر وان وجدت فإنها محتقرة (وهو ما جعل الخرافات والإيمان بالسحرة ينتشر) باستثناء دراسة القرآن الكريم، لكنهم يقول أن الجزائريين ماهرون في أعمال البناء والصناعة (دباغة الجلود، الحرير، الصوف..) وجودة منتوجاتهم الحريرية تفوق كل مثيلاتها من المنتوجات الأوروبية أما دباغة الجلود فقد اقتربت من الكمال.

يصف الكاتب حياة اليهود في الجزائر بحياة المذلة والاهانة اذ يدفعون ضعف الضرائب الجمركية، يمنع عليهم الخروج بدون رخصة من المدينة باستثناء الأحد والأربعاء وهم من تلجأ إليهم الحكومة للقيام بالأعمال الشاقة كما حصل في 1810م عند غزو الجراد للبلاد اذ كلفهم الداي بحراسة حدائقه الخاصة ليل نهار، لكن اليهود هم من يحتكر الأعمال المصرفية وصك النقود وتبديل العملات كما يخضعون لقوانينهم الخاصة في الأحوال الشخصية. ويضيف شالر أن يهود الجزائر هم أفل طائفة يهودية حظاً في العالم قياسا بالاضطهاد الذي يعيشونه وافلاس الكثير منهم.

في سياق حديث الكاتب عن الأسرى المسيحين ذكر أن قرصنة الأفراد قد ألغيت منذ 1816م وكل الأسرى يعتبرون ملكا للإيالة التي لم تكن تفرض عليهم أشغالا مفرطة المشقة والكثير منهم (من عملوا في القصر مثلا) كسب ثروات طائلة كما فند شالر فكرة انتشار أسواق النخاسة في الجزائر وأكد أن أشد أنواع البؤس الذي يعانيه المسيحي هو برودة حكام أوروبا في التعامل مع ملفهم.  


- اقتصاد الإيالة: وصف ويليام شالر الحكومة بالبخيلة والغبية بسبب اتباعها نظام الاحتكار في كل المرافق (حتى في القرصنة) ما أدى إلى خراب التجارة والزراعة المحلية، ففرنسا تحتكر صيد المرجان – في شرق البلد – وتجارة الجلود، الصوف والشمع والقمح كما منحت الحكومة نفس الامتياز لباي وهران لاحتكار نفس السلع التي تنتجها ولايته وتصدير زيت الزيتون والجلود الخام ممنوع قانونيا وهو ما تسبب في تراجع انتاج الزيت حتى صارت البلاد لا تحقق اكتفائها رغم أنها أخصب بلدان العالم فسهول متيجة هي على الأرجح أجمل امتداد للسهول على وجه الأرض سواء من حيث المناخ أو وفرة الينابيع اذ تستطيع أن توفر الغذاء للسكان أكثر من أي منطقة أخرى. وحسب احصائيات الصادرات والواردات لسنة 1822م فإن الجزائر تتعامل تجاريا مع فرنسا وبريطانيا أكثر من أي دولة أخرى، وميزانها سجل عجزا قارب المليون دولار (937000 دولا)، أما التجارة مع دول افريقيا فإنها متدهورة وقليلة إذ تتعامل الجزائر مع السودان، بسكرة، تمبوكتو ... تستورد منها التمر والجمال...وتصدر لها الحبوب والمنتوجات الأوروبية.

وحسب الكاتب فان العاصمة بما تملكه من مقومات طبيعية في متيجة وحدها قادرة على أن تكون من أغنى المدن المتوسطية لكن استبداد الأتراك حولها الى صحراء قاحلة.  

- دراسة خصائص العنصر البشري للجزائر: سكان الجزائر خليط من السكان الافريقيين الأصليين، العرب، الأندلسيين والأتراك. الجزائريين (المور: السكان الافريقيين الأصليين، العرب، الأندلسيين) شعب يتكلم لغة عربية محرفة عن العربية الفصيحة ويدينون بالإسلام ورغم اختلاف أجناسهم إلا أنهم يشكلون شعبا له شخصية قومية مميزة كالأمريكيين والبريطانيين وإذا واتته الظروف فإنه قادر على بلوغ درجات عالية من الحضارة.

وصف الأتراك بالشعب المحترم للدين لكنه لم يفصل كثيرا في كلامه عنهم وفي تخصيص حديثه عن العرب قال أنهم يشبهون في صفاتهم وأشكالهم آبائهم الآسيويين، أما علاقتهم بالحكومة التركية فهم شبه مستقلون عنها (باستثناء دفعهم للضرائب) إذ أنهم يتبعون شيخ القبيلة وكلما أحسّوا بظلم الأتراك نزحوا إلى أطراف الصحراء أو إلى تونس، أما البسكريون فرجح شالر أنهم فرع عربي يتميز بالجدية ويسكنون شمال الصحراء، يتميز البسكريون بالمسالمة ولعلهم أهدأ سكان الجزائر تستخدمهم الحكومة في الأشغال العمومية وعادة ما يعملون بالمنازل وحراسة الشوارع والأبواب الداخلية في الليل لأنهم أهل ثقة كما يعتبرون الوسيط التجاري بين غدامس والجزائر، أما المزابيون فيسكنون الصحراء (لذلك لم يتعرضوا للغزو) على بعد عشرين يوما من العاصمة يعرف سكانها بالمسالمة والنشاط التجاري والنزاهة وبلدهم مستقل تماما عن الحكومة وهم وسطاء التجارة مع افريقية ومحتكري الحمامات العمومية والطواحن، يتكلم المزابيون القبائلية ويدينون بالإسلام.   

يقول شالر أن القبائل هم شعب حافظ على استقلاله منذ العهد الفينيقي ويفضلون السكن في قمم الجبال على شكل قبائل مستقلة عن بعض وكل واحدة منها تشكل دولة منفصلة عن غيرها وهي في حروب دائمة مع بعض والحكومة التركية تدكي هذه الصراعات، يتصف البربر بحب الأرض، الاستقلال، الحيوية والذكاء ويشبهون سكان شمال  


أوروبا أكثر مما يشبهون سكان الجزائر ولذلك يرجح شالر أنهم اختلطوا بالوندال، يمارس البربر الزراعة، الرعي واستخراج الحديد ويرجع لهم الفضل في انتاج زيت الزيتون في البلد، ونظرا لذكائهم أصبحت الحكومة التركية تغار منهم وتمنع توظيفهم خدما في المنازل ويضيف شالر أن اسلام القبائل سطحي عكس العناصر السابقة التي تحترم الدين. يتكلم القبائل الشاوية التي يعتبرها شالر لغة أصيلة وقديمة جداً.

وفي سياق حديثه عن التوارق اقتبس كلام الرحالين هورنمان وليون لوصف هذا الشعب بالأبيض والجميل الميال للحروب وحدد مناطق سكنهم بالمنطقة بين فزان، تيبستي وتومبوكتو والمغرب الأقصى حتى جنوب بلاد القبائل ويذكر شالر نقلا عن ليون ان التوارق يتكلمون لغة البربر ويفخرون بها ويتمسكون بالدين كثيرا لكنهم لا يعرفون شيئا عنه الا بعض العبادات ومنهم قبائل وثنية لكنهم لم يتعرضوا للغزو قط. 

- العلاقات مع أوروبا منذ 1810م: يحتقر شالر بشدة الحكومة الجزائرية وبربريتها التي خدشت الحضارة بسبب ممارستها للقرصنة واهانة أوروبا لقرون وهيبتها التي اكتسبتها دون أي أساس وقد ذكر الانتصار في حملة اكسماوث على الجزائر بنشوة منتصر فخور. 

حرمت الجزائر التجارة على الولايات المتحدة عبر البحر المتوسط بعد حجزها لسفينتين عام 1783م وفي المحيط الأطلسي أيضا بداية من عام 1793م (بعد معاهدة الصلح مع البرتغال التي كانت تحرس مضيق جبل طارق ببوارجها) وحجزت 11 سفينة في سنة واحدة فاضطرت الولايات المتحدة لعقد معاهدة صلح في 1795م لاسترجاع حوالي 100 أسير وتحرير تجارتها دفعت على إثرها حوالي 725000 دولار لتحرير الأسرى إضافة لضريبة سنوية تفوق 12000 سكوين (24000 دولار) وعجزت عن دفعه حتى 1796م لما كانت تمر به من مشاكل بعد حرب التحرير.

أما العلاقات مع فرنسا فانه من المعروف أن الجزائر كانت أكثر استجابة لمصالح فرنسا أكثر من أي دولة أخرى بعد تحالفها مع الباب العالي ورد فرنسا الصارم على القرصنة الجزائرية ومعاقبة اعتداءاتهم فكانت فرنسا أول دولة توقف القرصنة الجزائرية، منحت فرنسا امتياز صيد المرجان في قسنطينة (لعل الكاتب يقصد القالة) مقابل مبلغ زهيد وأسس الفرنسيون "الشركة الافريقية" لاستغلال هذه المادة، كما كانت تجارتها مع المغاربة جد نشطة خاصة بعد اعلان الجزائر الحرب على دويلات إيطاليا. وقد أثنى شالر كثيرا على السياسة الفرنسية ووصفها بالمتبصرة بما أنها حققت مصالح فرنسا التجارية حتى باستعمال الرشوة فسمعة فرنسا لا تهمهم بقدر مصالحها. 

ويضيف: لم تنزل فرنسا قط إلى حد أن تدفع ضريبة سنوية للجزائر لكنها كانت تقدم هدايا فاخرة في الوقت الملائم أكثر من أي دولة أخرى. لكن بعد غزو فرنسا لمصر أعلنت الجزائر الحرب على فرنسا لكن بمجيئ نابليون عاد السلم لكن النفوذ البريطاني في الجزائر أصبح أقوى من نظيره الفرنسي.

وفي إطار حديث شالر عن اسبانيا وضح أنها تكبدت الكثير من الشتائم والاهانات ودفعت الكثير من الضرائب وخسرت نفوذها بعد فشل حملاتها في 1774م و1784م، أما هولندا وهي أول دولة متمدنة تدفع الضرائب للجزائر ولم تكن تضع حسابا لكرامتها بل لتجارتها لا غير، وقد طبقت دول الشمال تقريبا نفس السياسة أي شراء السلم مع  الحصول على أفضل الشروط. وقد انتقد شالر بشدة السياسة البريطانية التي كانت تهدف لنفس أهداف فرنسا لكنها ليست بنفس القدر من المثابرة والجدية فهداياها عادية وكثيرا ما تتملق للجزائر وقت الحرب رغم ضعف الجزائر وكثيرا ما لعبت بريطانيا دور الوساطة لأصدقائها لعقد معاهدات صلح مع الجزائر مثل البرتغال في 1812م واسبانيا وقد دفعت على إثر ذلك الدولتان ضرائب باهظة رغم الظروف الصعبة للدولتين. وبهذا كان الجزائريون يتبجحون بأنهم أعظم دولة بحرية بعد بريطانيا.

وفي 1812م أعلن الداي الحرب على الولايات المتحدة بتوصيات من التجار اليهود وطردت القنصل وعائلته كما تعرضت هولندا لغارات الجزائريين وفي 1814م أسر الجزائريون 7 سفن سويدية (قيمة 4 سفن منها فاقت نصف مليون دولار).

ثم يذكر الكاتب أن سنة 1814م هي سنة مفصلية في تاريخ أوروبا والعالم اذ انتهت حرب طويلة جرفت أوروبا وعقدت في نفس السنة معاهدة سلم بين الولايات المتحدة وبريطانيا لتعقد الدول الأوروبية المتحضرة مؤتمرا في فيينا نهاية 1814م ناقش مسألة تحريم الرق والقرصنة التي تمارسها دول المغرب البربرية لكن بريطانيا عارضت القرار بحجة المعاهدات التي تربطها مع المغاربة. لكن بعد تصديق الولايات المتحدة على معاهدة "خانت" ghent أعلنت الحرب على الجزائر وأرسلت أسطولا بقيادة القبطانين باينبريدج Bainbridge  ديكاتور Decature ومعه ويليام شالر لإرغام الجزائر على عقد صلح أو حماية السفن الأمريكية في البحر المتوسط وقد وصل الأسطول إلى الجزائر في جويلية 1815م وقبلت الشروط التي أملتها الولايات المتحدة مرغمة كون الأسطول الجزائري كان يجول في البحر المتوسط وفي نفس اليوم عين شالر قنصلا للولايات المتحدة بالجزائر ثم توجه الأسطول الأمريكي إلى تونس وطرابلس وأجبرهما على دفع مبالغ تعويضية على قبولهما احتجاز بريطانيا لسفن أمريكية في سواحلها ويشير شالر أن هذا الدرس أحدث أثرا بالغا اذ لم يكن له مثيل منذ بداية القرصنة البربرية.

ثم سرد الكاتب ملابسات هجوم اللورد اكسموث قائد الأسطول البريطاني على العاصمة بعد رفض الداي الرد مطالب اللورد حالا كما طلب (طالب الداي بمهلة لاستشارة الباب العالي) وبعد إصرار اللورد على الحصول على رد سريع طلب منه الداي سحب قطع أسطوله من مرمى المدافع الجزائرية ووضع القنصل البريطاني تحت المراقبة في منزله واعتبر الداي منذ تلك اللحظة أنه في حرب مع بريطانيا لكن الباشا واكسموث عقدا صلحا وعادت الأمور لنصابها لتبدأ حملة إعلامية في أوروبا ضد التعامل الأرعن من بريطانيا الذي وصف بأنه لا يخدم الا مصالح بريطانيا ويخدش الشرف الأوروبي فجهزت بريطانيا أسطولا آخر تحت قيادة نفس القائد مدعما بستة بوارج هولندية وتوجه للجزائر في شهر أوث وقام بمهاجمة العاصمة يوم 27 أوث 1816م واستمرت المعركة 9 ساعات انتهت بهزيمة الجزائر (بسبب السماح للأسطول الأوروبي بالرسو في الميناء حتى صارت مدافع الجزائريين غير قادرة على إصابة الأسطول المشترك) التي قبلت شروط بريطانيا بإطلاق سراح كل السجناء المسيحيين وارجاع مبلغ 35 ألف دولار كانت قد أخدته من امارة نابولي إضافة لمنع الجزائر من استرقاق المسيحيين مستقبلا لكن الكاتب يؤكد أن الاتفاق لن يطبق لأن الجزائر عادت كما كانت بعد أقل من سنة وبعد هذه الهزيمة والكوارث التي 

تعرضت لها الجزائر تم اغتيال الداي عمر باشا في 8 سبتمبر إلا أن القنصل الأمريكي أثنى مطولا على الداي عمر الذي حكم البلاد في مرحلة عصيبة ووصفه بالنبل، العدل، رجاحة العقل، البراعة، الشجاعة واحترام الشرع الإسلامي .. وقد خلف الداي المقتول علي خوجة الذي وصفه شالر بالعالم والدموي والأناني في نفس الوقت وكان عهده عهد مدلة وسوء حظ للجزائر وقد توفي علي خوجة في 1818م بوباء الطاعون الذي كان يقتل يوميا حوالي 150 شخص فخلفه حسين باشا.

في نهاية 1818م اجتمعت الدول الأوروبية في مدينة اكس لاشابال من أجل تحديد المصالح العامة للعالم المتحضر وفي سبتمبر 1819م وصل أسطول فرنسي بريطاني إلى الجزائر لإنذارها واخبارها بقرار المؤتمر الذي قرر منع الدول البربرية من ممارسة أي قرصنة أو اعلان حرب على أي دولة مسيحية لكن الداي رفض الامتثال بحجة وجود معاهدات مع أوروبا تكفل له ذلك. وبعد سرد طويل من الكاتب للعلاقات بين الجزائر وأوروبا ينتهي باقتراح وضع أسطول بحري في البحر المتوسط لضمان سلامة التجارة والحضارة والحفاظ على سمعة الدول المتحضرة.  

- الاستعمار البريطاني هو الحل لتمدين الجزائر(الفصل السادس): يذكر الكاتب بأن الجزائر تملك كل مقومات الدولة العظمى من موقع جغرافي، مناخ ملائم، أراضي خصبة، موانئ جيدة، قربها من أوروبا...لكنه ينتقد الحكومة التركية المسيرة للبلد لأنها لم تستغل هذه المقومات ويتنبأ بسقوطها في القريب العاجل وهو ما سيؤدي حسب شالر إلى انقسام الشعب إلى قبائل مستقلة عن بعضها ومتحاربة بسبب جهلهم مما يحول البلد الجميل إلى صحراء قاحلة وعليه يقترح شالر أن تقوم بريطانيا (أقوى قوة بحرية في العالم) باستعمار الجزائر على ان تضع لها تنظيما سياسيا يحافظ على استقلالها وأن تكون العلاقات بينهما تقوم على المصلحة المشتركة وإذا وظفت رؤوس أموالها ونقلت الفائض السكاني إليها بشكل منتظم ومخطط مع استغلال السواحل الغربية للقارة فبإمكان هذه الرقعة أن تتحول إلى إمبراطورية عظيمة تضاهي بريطانيا نفسها في ظرف قرن من الزمن. ثم نجد القنصل الأمريكي يطمن الأوروبيين بأن مقاومة الجزائريين لن تكون قوية وأن الحملة ستنجح حتما (إذا كان الهجوم بريا – بحريا) لأن الحكومة التركية لا تملك شعبية لأن الشعب يكره الأتراك، ناهيك عن قلة عدد السكان المحليين وعدم تنظيمهم وجهلهم بفنون الحرب إضافة لكبر مساحة البلاد.

"ومن الملاحظ أن الكاتب يحاول أن يغري الأوروبيين باستعمار الجزائر فوصف المرأة الجزائرية بالجميلة والرشيقة في أول كتابه ثم أكد أن بني ميزاب والطوارق وحتى القبائل قوم مسالمون إذا لم تتدخل في شؤونهم وتركت لهم الحكومة حرية تسيير بلادهم كما ردد مرارا أن دفاعات الجزائر ليست بتلك القوة التي يتصورها العالم إضافة للثروات الرهيبة في هذه البلاد"  

ويرى الكاتب أن سقوط العاصمة سيليه خضوع سكان المدن من العرب والأتراك وأن الجيش المستعمر يستطيع قمع أي مقاومة بالسياسة لا القوة إذا وعدتهم الحكومة الجديدة باحترام الأشخاص والعادات القديمة، والمحافظة على الملكية الشعبية واحترام الدين وعندها سيصبح السكان مسالمين، ثم يحمس شالر البريطانيين أكثر باستعمار الجزائر بتذكيرهم بثراء خزينة الجزائر التي تحوي أكثر من 50 مليون دولار وهي كفيلة بتعويض تكاليف الحملة. 

- يوميات شالر: تحدث شالر في يومياته (1823م) عن ثورة قبائل بجاية ضد حكومة منطقتهم واعتقالهم للمفتي الحنفي وعن رد الحكومة التركية التي طالبت من جميع القناصل تسليم الخدم القبائل وقد نجحت في القبض على خدم قناصل سردينيا، الدنمارك وبافاريا لكن القنصل البريطاني رفض تماما تسليمهم ما اضطر أفراد الجيش التركي لاقتحام منزل القنصل بالقوة واعتقال القبائل أما القنصل الفرنسي فقد سلم خدمه للأتراك دون عناد ولطخ شرف دولته حسب شالر الذي تحدث عن عودة الداي للقرصنة واسترقاق المسيحيين بعض قرصنة سفينة اسبانية في جانفي 1824م بعد انتهاء معاهدة 1816م التي حددت بثلاث سنوات لتسوء  بسبب هذه الأحداث العلاقة بين الجزائر وانجلترا وانتهت بمعركة بحرية قرابة السواحل الجزائرية يوم 1 فبراير 1824م تلاها حصار بارجتين انجليزيتين للسواحل الجزائرية نهاية الشهر أسفر عن امضاء معاهدة تقضي بإلغاء الجائر لاسترقاق المسيحين بعد نصيحة ويليام شالر للوزراء الجزائريين إذ أن علاقة القنصل الأمريكي بالداي ووزرائه قد تحسنت كثيرا رغم حالة التوتر الكبير في العلاقة مع بريطانيا. ثم يسرد الكاتب أخبارا - تقريبا يومية -.

تحدث ويليام شالر مطولاً عن مشكلة الأسرى وضغط بريطانيا على الجزائر بكل الوسائل لإيقاف استرقاق المسيحيين وإطلاق سراح الأسرى مع محاولاتها لإهانة الجزائر برفع علمها في العاصمة وإعادة القنصل الإنجليزي الذي فر من الجزائر بعد فتور العلاقات بين البلدين لكن الداي رفض تماما هذه المطالب وكان البريطانيون يدعمون أسطولهم المحاصر بشكل مستمر ببوارج وسكونات وحاملات قنابل ومؤن وهو أسطول قادر على هدم مدينة الجزائر(بلغ 23 قطعة في نهاية شهر جويلية) وفي نهاية شهر جويلية جرت مفاوضات انتهت بقبول الداي لشروط الصلح مع اسقاط بند عودة القنصل السابق وتم التصديق عليها وهنا يعلق شالر أن كل هذه الحملة جمل تمخض فولد فأر.

كما أبدى شالر في يومياته تشكيكه في النوايا الفرنسية التي صارت غامضة وتثير الريب منذ 1815م اذ اكثرت السفن الفرنسية ترددها على السواحل الجزائرية دون سبب. 

وبالنظر إلى الأحداث التي ذكرها القنصل فان السفن البريطانية، الهولندية والفرنسية هي أكثر السفن ترددا على السواحل الجزائرية في هذه الفترة. كان يوم 12 نوفمبر 1824م هو اليوم الذي توقفت فيه يوميات ويليام شالر.

أضاف الكاتب مجموعة من الملاحق في نهاية كتابه عن الأوزان والعملات إضافة لمعاني بعض مصطلحات الشاوية باللغة الإنجليزية مضيفا تاريخ الرق منذ القرن 15م ونضال الفلاسفة المتنورين لإلغائه، كما أدرج شالر ملحقا عن تفاصيل حملة اكسموث ونتائجها ورسالة الأخير إلى حكومته بعد نهاية المعركة يبدي فيها فخره بالنصر أضافة لبعض المراسلات بين الداي والرئيس الأمريكي وأخرى مع بريطانيا. 

5- نقد الكتاب لكتاب ويليام شالر: 

أكد المترجم الرسمي للملك شارل العاشر بيونشي أن الكتاب تفصيلات دقيقة حول أوضاع المملكة ومدينة الجزائر من ناحية الإحصاءات، القوة، عائدات الإيالة، مواردها وعلاقاتها القديمة والحالية مع الدول الأوروبية إضافة للأحداث العسكرية (المعارك) وشكل الحكومة وخصائص العناصر السكانية المحلية والمحتلة للبلد (الأتراك).    

ما ذكره الكاتب حول العاصمة: تحصيناتها، محيطها وتحديده لطوبوغرافية العاصمة بعناية ... سيساعد في تحديد مسار العمليات العسكرية التي تهاجم الجزائر مستقبلا.   وبالتالي فإن بيونشي يثني على منح الفرنسيين هذه المعلومات التي ستسهل سير العمليات الفرنسية عشية الحملة الفرنسية على الجزائر. كما يؤكد بيونشي أن الوصف الذي أدرجه القنصل الفرنسي عن مخطط مدينة الجزائر هو نفسه الذي اكتشفه بعد رحلته إلى الجزائر  أي أن بيونشي يثمن على دقة شالر في وصفه لمدينة الجزائر.

انتقد Bianchi النقد الذي وجهه شالر بشكل مستمر للسياسة الفرنسية مع الجزائر دون توضيح الظروف المعاصرة لمواقف فرنسا  

مدفوعا بالحماس الوطني بالغ شالر كثيرا في وصف الانتصارات التي حققتها الولايات المتحدة الأمريكية عبر بحريتها على حساب ايالة الجزائر وحسب بيونشي فالولايات المتحدة لم تحقق الا نصرا ضئيلا حصلت على اثره على أسلحة (سفن) جزائرية أعادتها فيما بعد رغبة في تحقيق السلم مع الجزائر، ثم يقارن المترجم انجاز الولايات المتحدة مع إنجازات لويس الثامن عشر الذي حول البحرية الجزائرية ومدينة الجزائر إلى رماد في حملتين عسكريتين  . فالمترجم يقزم من انجاز الولايات المتحدة ويظهر فرنسا على أنها الأقوى.

فند بيونشي بعض المعلومات التي جاء بها ويليام شالر مثل حصول بريطانيا على امتياز الانجليز على حق صيد المرجان بدل الفرنسيين سنة 1815م إذ أكد بيونشي أن فرنسا بقيت محافظة على امتيازها في الحصول على حق صيد المرجان في السواحل الجزائرية.  

فند الجينرال بيليسيي إمكانية استعمال واد الشلف للملاحة كما ذكر ويليام شالر، إذ ذكر بيليسيي أن واد الشلف لا يمكن أن يستعمل للملاحة حتى في أوقات هطول المطر فهو لا يعدوا أن يكون سيلاً لا غير.  

6- نقد وتقييم شخصي: 

يكتسي كتاب ويليام أهمية بالغة نظرا لأنه أعطى معلومات دقيقة جدا عن ايالة الجزائر في وقت كانت فيه الجزائر تمتلك هيبة عالمية لكنها على شفى الانهيار، ولعل كون شالر شخصية دبلوماسية رسمية فان ذلك ساعد كثيرا في شهرة الكتاب وسرعة انتشاره ووصل الأمر حتى قيام بيونشي Bianchi المترجم المعتمد للملك الفرنسي شارل العاشر بترجمته بطلب من الملك نفسه وبمقارنة بسيطة بين ما جاء في الكتاب وسير الحملة الفرنسية واستراتيجية اسقاط العاصمة نجد أن الفرنسيين طبقوا اقتراحات شالر (كتابه ضم معلومات أكثر دقة وشمولية من مخطط بوتان الذي كان ضابطا عسكريا أما شالر فدبلوماسي وبحار وأكاديمي) بشكل كامل تقريبا من انزال في سيدي فرج، الاعتماد على حلة برية – بحرية، السيطرة على حصن الامبراطور كما عرفهم الكتاب بأحوال الجزائر الاجتماعية والسياسية والعسكرية وتحصينات المدينة وهي معلومات مفصلية قبل الحملة فنجاح الحملة يتوقف على المعرفة الجيدة بأحوال المنطقة المراد غزوها. إن هذا الكتاب يعتبر مصدرا فائق الأهمية لدارسي تاريخ الجزائر في هذه المرحلة لما يحتويه من معلومات عن الجزائر في كل المجالات.

ذكر المؤلف أنّ الجزائر بلد كثير الثروات، مناخ جيد، سكانه مسالمون، أرضها خصبة لكن هذه الأرض بأيدٍ غير أمينة غير حكيمة ومستبدة لا تحسن استغلال هذه الثروات ثمّ دعا الغرب إلى احتلالها وبشّر من فعل ذلك بميزات وخيرات لا تعدّ ولا تحصى وزعم أنّه يدعي التحضر، ويظن شالر أن أحسن دولة يمكنها فعل ذلك هي بريطانيا فدعاها للمسارعة إلى احتلال الجزائر وأعطاها خطة عملية سهلة وجاهزة بكلّ دقائقها وتفصيلاته وهنا تتضح النوايا الاستعمارية الخبيثة للكاتب وهي نفس الخطة التي اتبعها الفرنسيون يوم غزوهم للجزائر خاصة اذا علمنا أن شارل العاشر قد طلب احد مترجميه بترجمة هذا الكتاب للفرنسية وتم نشره في فرنسا قبل الحملة بأشهر فشالر إذا ساهم في تخريب الجزائر وليس في تمدينها كما كان يدعي.

الكاتب يريد خدمة بلاده عبر نصح بريطانيا باحتلال الجزائر كون الولايات المتحدة لازالت في مرحة الفتوة بعد استقلالها عن بريطانيا التي لاتزال تتربص بالأراضي والأقاليم الأمريكية فبحث لها عن أرض مثالية تبعدها عن بلده وهذه الأرض هي الجزائر.

انتقد ويليام شالر السياسيين الأتراك بشكل لا حد له فوصفهم بالقراصنة، المرتشين، الظالمين، العنصريين، الأغبياء، الجشعين حتى وصل الأمر بادعاء ان الدايات كانوا يفتشون سفن القناصل الجدد للتأكد من احضارهم الهدايا الثمينة وينتهي الأمر بالمفاوضات حول هذه الهدايا ...ولعل ذلك يفسر بإذلال الأتراك للولايات المتحدة عبر تقبيل يد الداي في الأعياد والانحناء له إضافة للمعاهدات التي تدفع على إثرها دولته والكثير من دول أوروبا الضرائب والأسلحة والذخيرة للجزائر كما حصل في معاهدة سنة 1795م ما جعله يحقد على الجزائر فصار 

يؤول حتى الإيجابيات بقراءات سلبية فأرجع روح المغامرة والجرأة التي يتميز بها البحارون الجزائريون إلى كثرة المؤامرات الأوروبية وجشع الحكومات الغربية وكل ذلك بهدف استصغار القوة الجزائرية.

من الواضح أن شالر مطلع بشكل جيد على الجغرافيا إذ ذكر تفاصيل الاحداثيات الفلكية لجل المناطق التي تحدث عنها، وحتى عادات السكان وثقافتهم وكل ما يخص العاصمة خاصة من طرق ومنازل وتحصينات ونقاط ضعف.

وقع الكاتب في الكثير م التناقضات نظرا لأهدافه الخبيثة من الكتاب إذ انتقد الحكومة التركية مرارا مبديا إنسانية جياشة وحبا للجزائريين المساكين !! وذلك رغبة في استقطاب دولة أوروبية لاحتلال الجزائر ثم نجده يؤكد عكس ذلك بثنائه على حسين باشا بشكل رائع فيصفه بالعدل، النبل، الشجاعة، رجاحة العقل، سرعة الادراك، كما أثنى على شرطة العاصمة وقال عنها الأفضل في العالم دون منازع ولعل ذلك يفسر بكون الكاتب يريد توضيح الطريق للبريطانيين بكيفية اقناع السكان بضرورة قبول الوجود الأوروبي في الجزائر بعد طرد الأتراك من الجزائر إذا ربطنا بين مختلف أفكار الكتاب فالعدل منح الأتراك قبول السكان بوجودهم.

من الواضح جدا النظرة الاستعلائية للكاتب فيصف الأوروبيين بالعالم المتحضر والمتمدن والافريقيين بالمتوحشين وخادشي الحضارة، فنجده يربط بين الاجتماعات الأوروبية في فيينا وإكس لا شابال ومصير الجنس البشري وكأن أوروبا هي كل العالم وهي حافظة الحضارة والمدنية !! 

لم يحترم الكاتب الترتيب الكرونولوجي للأحداث في كثير من المرات إذ تحدث عن مؤتمر إكس لا شابال الذي انعقد في 1818م ثم انتقل للحديث عن أحداث 1819م ثم ذكر بعض أحداث 1815م. وبدا هذا الخلط في التنظيم في تكرار الكثير من العناوين والشروحات فنجده يتحدث عن السكان في الفصل الأول ثم يعيد الكلام عن السكان في الفصل الثاني.

نقد الترجمة: مما يؤاخذ عليه صاحب هذه الترجمة عنوانها المخالف للعنوان الأصلي فعنوان الكتاب الأصلي      

كاملا هو: معالم الجزائر السياسة، التاريخية والمدنية متضمنا الجوانب الجغرافية، السكانية، الحكومة، العوائد، التجارة، الفلاحة، الفنون، المعاهد، القبائل، العادات، اللغات والتاريخ السياسي المعاصر.

SKETCHES of ALGIERS

Political, Hitorical, and Civil

Containing an accunt of the

Geography , population , government , revenues , commerce , agriculture , arts , civil , institutions , tribes , manners , languages and

RECENT POLITICAL HISTORY


في الوقت الذي خصص فيه ويليام شالر فصلا واحدا لمذكراته وهو الفصل السابع من الصفحة 193 إلى 255 نجد المترجم عمم هذا الفصل على كل الكتاب وأسماه "مذكرات ويليام شالر" وهو تعميم غير صائب فالفصول الستة الأولى تحدثت عن كل ما يخص الجزائر من معالم طبيعية وسياسية واقتصادية.


إنجاز الأستاذ عبد النور خالد


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات