القائمة الرئيسية

الصفحات

الآن، بإمكانكم إرسال الفقرات والأعمال الابداعية التي ينجزها تلاميذكم ونحن نتكفل بنشرها في موقعنا

 


دراسة بيان دي بورمون


إنجاز الأستاذ عبد النور خالد

1. تقديم الوثيقة:                                                                   


 التعريف بالوثيقة: أول وثيقة رسمية وجهتها فرنسا للجزائريين، طبعه الماركيز كليرمون طونار (عقيد في هيئة الأركان) بطلب من المارشال ووزير الحربية دي بورمون عام 1830م غداة الغزو الفرنسي للجزائر، (أعد النص المستشرق دي صاصي) كُتب البيان بلسان سكان المغرب بهدف استمالة العرب والقبائل لفرنسا لمنع وقوفهم مع الداي استُعمِلت تقنية الطبع الحجري بمطبعة أنجلمان الفرنسية لطبعه وقد كتبت الوثيقة بلغة عامية بسيطة كثرت فيها التعابير الركيكة. 

ظروف صدور الوثيقة: صدرت الوثيقة بالتزامن مع الغزو الفرنسي للجزائر، وزعه الفرنسيون على الجزائريين باللغة العربية، صدر البيان ووزع على الجزائريين قبل الغزو بحوالي شهر على الأكثر وأسبوع على الأقل، ودخل عن طريق التجار اليهود (عبر اسبانيا) المحتكرين للتجارة الخارجية، وعن طريق المخابرات عبر تونس. 

المعلومات البيبليوغرافية للوثيقة: صدر البيان في ورقة واحدة من 26 سطرا بالغة العربية العامية، ويوجد طبعتين للبيان.

طبيعة الوثيقة: وثيقة تاريخية رسمية ذات طابع دعائي (لما يرمي اليه من الاعداد النفسي لتقبل حدوث أمر جديد) في شكل رسالة وجهها الجنرال دي بورمون للشعب الجزائري.

مصدرها: كتاب نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر 1830م – 1900م – عبد الحميد زوزو.

الإطار الزماني: سنة 1830م 

الإطار المكاني: الجزائر

التعريف بصاحب الوثيقة دي بورمون: 1773م -1846م، جنرال فرنسي عمل مع نابليون بونابارت، عينه شارل العاشر وزيرا للحربية، شارك في الحروب النابليونية ومعارك الثورة الفرنسية كما قاد الحملة الفرنسية على الجزائر.

الفكرة العامة: أسباب الحملة الفرنسية على الجزائر وضمانات الفرنسيين للجزائريين

الأفكار الفرعية: 

أسباب الحملة الفرنسية على الجزائر (البداية ...العذاب المهين)

ضمانات دي بورمون للشعب الجزائري (أما أنتم ... دينكم وعبادتكم)

الهدف من الحملة وبيان ضرورة مساعدة فرنسا (فإن حضورنا عندكم ... على ما تريدون وأكثر)

تهديد ووعيد دي بورمون للشعب الجزائري في حال عدم التعاون مع الفرنسيين (هذا وأما ان كان ...النهاية)


2. تحليل الوثيقة:


شرح المصطلحات:

الاختيارية: أعيان ومشايخ القبيلة

سار عسكر: قيادة الجيش

الباشا: القائد الأعلى للجيش (حاكم الجزائر)

أوردينا: معسكرنا

عشمنا: أقسمنا

البيرق: هو القنصل (دوفال) أو العلم (يقصد ضرب الجزائر لسفينة البروفانس 3 أوث 1829م)

أمير الجيوش الفرنسية: القائد الأعلى للقوات: دي بورمون

التعريف بالأعلام: 

يحتوي النص على بضعة أعلام مثل أمير الجيوش الفرنسية دي بورمون قائد الحملة الفرنسية على الجزائر الذي شارك في الحرب ضد إيطاليا وروسيا في عهد نابليون، رقي الى لواء سنة 1814م ثم شارك في الحملة ضد اسبانيا 1823م وفي 1829م عين وزيرا للحربية ثم مشيرا في 1830م وبعد سقوط نظام شارل العاشر رفض خدمة لويس فيليب. كما تحدث النص عن الداي حسين حاكم الجزائر الذي تولى حكم الجزائر في 1818م، حكم الجزائر في فترة صعبة انقلبت فيها موازين القوى لأوروبا التكنولوجية وانتهى حكمه في 1830م بتسليمه العاصمة للفرنسيين. أما العلم الثالث الذي أورده النص فهو شارل العاشر ملك فرنسا الذي تولى حكم فرنسا بين 1824م – 1830م وهو أخ لويس السادس عشر.


مناقشة النص (النقد)       

أ‌- تحليل النص:

يوجه دي بورمون كلامه في افتتاحية بيانه الى أعيان الجزائر لمعرفته بمكناتهم وقدرتهم على التأثير على العامة ثم يتوجه بخطابه إلى عامة سكان الجزائر ويذكرهم بأن إهانة الداي الفرنسي للقنصل دوفال بعد لطمه بالمروحة يوم 29 أفريل 1827م أمام سفراء وقناصل الدول يوم الاحتفال بعيد الفطر هو سبب الحملة الفرنسية على الجزائر، كما أكد الفرنسيون على أن الحملة تهدف لتأديب الداي لا غير والانتقام لشرف فرنسا وأن الجيش الفرنسي لن يعتدي على المغاربة وسيحفظ حياتهم، حوانيتهم وكل ممتلكاتهم وتفنن البيان في استعمال عبارات المحبة والمودة استعطافا للجزائريين وربح مودتهم عبر إعطاء البيان صبغة دينية (اذ كثرت عبارات الله تعالى والله عز وجل: وإن الله يسلّطها عليكم، عشمنا بالله، سلطاننا المنصور المحفوظ من الله تعالى...) ومحاولة اظهار الداي أنه مستغل فاسد تسبب في افقار السكان المحليين عبر استئثاره بالثروة دون الشعب بهدف منع اتحاد الشعب مع حكومته لحرب فرنسا وتشتيت صفوف المغاربة وبالتالي نجد أن البيان ربط خير ومصلحة المغاربة بانتصار فرنسا وهزيمة الداي.

حاول الفرنسيون في آخر البيان كسب فئة من الجزائريين (الطبقة الوسطى) لدعمهم بالمؤونة لإنجاح حملتهم مقابل مكاسب مادية معتبرة ثم يغير البيان من لهجته ويهدد الجميع بالهلاك في حال محاربة جيش الاحتلال، واعتبر المحرر أن نجاح الحملة واقع مقدر لا محالة ومن غير المعقول منع إرادة شارل العاشر التي هي من إرادة الله.

ب‌- نقد النص: 

افتتِح النص بالحديث عن سبب الاحتلال الفرنسي للجزائر وهو حادثة المروحة لكن الوقائع التاريخية تشهد بغير ذلك، فنوايا فرنسا لاحتلال الجزائر تعود لمئات السنين (منذ بداية الامتيازات الفرنسية في الجزائر في القرن السادس عشر واتضحت النوايا أكثر مع بداية مشاريع الاحتلال بمخطط كارسي، بوتان...) أما حادثة المروحة فلم تكن الا ذريعة واهية هدف من خلالها الفرنسيين لتبرير غزوهم للجزائر والا لماذا لم تغادر فرنسا الجزائر بعد تأديب الداي وبقيت في الجزائر 132 سنة!!

أما فيما يخص الضمانات فإنها لم تكن الا خدعة حرب هدفت لمنع دعم المغاربة للحكومة التركية، اذ عاثت فرنسا فسادا في الهوية الجزائرية وممتلكات السكان، فصادرت الأراضي (يذكر شارل أوندري جوليان في كتاب تاريخ الجزائر المعاصرة أن فرنسا صادرت 481 ألف هكتار بين 1830م – 1870م وارتفع الرقم بين 1871م – 1890م الى مليون هكتار) والعقارات بعدما طمّنت السكان على ممتلكاتهم، وهدمت الكثير من المساجد وحولت أخرى إلى كنائس (مثل جامع كتشاوة) واصطبلات وثكنات عسكرية بعدما وعدوا السكان باحترام دينهم، وتبقى المجازر الكثيرة (كمجزرة العوفية واولاد رياح) التي سجلها التاريخ وتحدث عنها الفرنسيون بأنفسهم شاهدة على خديعة "الأمن والاطمئنان" ودونَّها الجزار أوساريس بنفسه في كتابه المصالح الخاصة وقال عنها توكفيل: لقد جعلنا المجتمع الإسلامي أكثر بؤسا وأكثر جهلا وفوضى وأشد همجية مما كان عليه قبل مجيئنا.

أما فيما يخص تشويه سمعة الداي حسين فان الدكتور عبد الحميد زوزو (وحمدان خوجة) يورد أن الداي حسين كان محبا للأهالي، غيورا على الدين على عكس ما أورده البيان التضليلي.


3.  الخاتمة: 

العملية العسكرية المتكاملة يجب أن يسبقها تمهيد إعلامي وهذا ما يتضح من توزيع الفرنسيين للبيان على الجزائريين.  

رغم كون الفرنسية هي لسان الفرنسيين الا أنهم خاطبوا الجزائريين بلسانهم ليفهموا الخطاب فمخاطبة الخصم أو العدو لتمويهه يجب أن تكون بلسانه.

لا يهم أن تقنع عدوك باستعمال الحقيقة أو الكذب بل المهم أن تقنعه ولو كذبا ً!!

فن الحرب يقتضي الترغيب والترهيب، فاللين يظهرك متسامحاً والترهيب يظهرك شديد البأس.

ضرورة مخاطبة كل فئات السكان أعياناً، بورجوازيين وطبقة عامة.

الزامية تفهم نفسيات الخصم قبل خوض المعركة معه، وما استعمال فكرة القدرية بمفهوم مزيف الا دليل على معرفة الفرنسيين بقلة معرفة الجزائري لدينه، ناهيك عن استعمال الصبغة الدينية لمعرفتهم باحترام المغربي للدين.

أدرك الفرنسيين لصعوبة مهمة الاحتلال وتقديرهم بأن السيطرة على الجزائر ستطول لذلك حاولوا توفير مؤونة الجيش بدعم السكان لهم.


إنجاز الأستاذ عبد النور خالد
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات