القائمة الرئيسية

الصفحات

الآن، بإمكانكم إرسال الفقرات والأعمال الابداعية التي ينجزها تلاميذكم ونحن نتكفل بنشرها في موقعنا

الصحراء الغربية بؤرة توتر دائمة

 


------ الصحراء الغربية بؤرة توتر دائمة------

     إن إثارة القلاقل والنزاعات على الحدود هو أسلوب قديم من مخلفات القوى الإستعمارية تلجأ إليه لخلق العداوات بين الدول المتجاورة لضمان عدم إستقرار المنطقة.. وبمسح سريع نجد أن جل المستعمرات القديمة واقعة في هذه المشكلة..وكباقي العالم تعاني المنطقة المغاربية من عدم إستقرار مزمن بسبب مشاكل الجزائر مع الجار المغرب والتي ظهرت وتفاقمت مع إستقلالنا، فمن حرب الرمال في الستينات إلى النزاع حول الصحراء الغربية في السبعينات والتي شكلت  بؤرة توتر دائمة ساهمت في كسر كل المساعي والجهود لتوحيد قوى المنطقة والتعاون معا لتنمية شعوبها..والمشكلة في حد ذاتها بدأت في نوفمبر 1975مع تخلي الإستعمار الإسباني عن الصحراء الغربية(السيطرة مند 1700 لكن الاستعمار بدأ 1884..) وعقد إتفاق ثلاثي يقضي بسيطرة مشتركة لكلا من المغرب وموريطانيا(..حيث إحتلت المغرب ثلثي المساحة شمالا ،وسيطرت موريطانيا على الثلث الباقي جنوبا).. لكن جبهة البوليزاريو التي تأسست في 1973 رفضت الإتفاق وأعتبرت المغرب وموريطانيا إستعمار جديد وأعلنت قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، كما شنت ضدهم حرب عصابات نتج عنها :

#- إنسحاب موريطانيا من الصحراء الغربية سنة 1979، والتنازل عن منطقة سيطرتها

#- قبول الملك الحسن الثاني-رحمه الله- من حيث المبدأ (تحديدا عام 1982) فكرة الاستفتاء الذي تطالب به البوليزاريو(..الخيار بين الاستقلال أو الخضوع لسيادة المغرب)

#- إبرام إتفاق وقف لإطلاق النار في 1991 بوساطة الأمم المتحدة

#- الاتفاق على عقد الاستفتاء في عام 1992

وما أن لاحت بشائر الحل حتى قبرت بالتماطل والنكوص على العهود ، وتعقدت المشكلة من جديد لإختلاف طرفي النزاع حول كيفية تحديد هوية المشاركين في الاستفتاء.. ومند ذلك التاريخ بقيت المشكلة تراوح مكانها وصنفت بذلك بواحدة من أطول النزاعات في العالم.. ولفهم أكثر للأزمة نقول :

1-المقاربة المغربية تقوم على:

١- فكرة أن "حربها من أجل الوحدة الترابية " فالصحراء الغربية هي جزء لايتجزأ من المملكة المغربية.... وهذا الطرح يرد عليه أنصار الإستقلال بقولهم إن كانت الصحراء مغربية فكيف قبل أميرالمؤمنين بإقتسامها مع موريطانيا في 75 ؟!..

٢- تاريخيا عرفت المملكة بمحاولتها الإستحواذ على أجزاء من أراضي الجيران وإدعاء إمتلاكها، كما حدث مع الجزائر وموريطانيا وحتى مالي ... حيث طالب المغرب بإسترجاع  أراضي إدعى أن أصلها مغربية إقتطعها الإستعمار من ممتلكات جلالته(مرجعيته الدولة السعدية 1510 /1658 ).. وهذا الطرح الغريب والغير منطقي يفتح الباب لصراعات وحروب لاتنتهي.. وكان من الحكمة أن إعتمدت الأمم المتحدة قاعدة الحفاظ على الحدود الموروثة عن الإستعمار وإلا فأي تاريخ تتوقف عنده الدول المتجاورة وتجعله مرجعا لترسيم الحدود ..

2- مقاربة البوليزاريو تقوم على:

١- فكرة منح الشعب الصحراوي حق تقرير مصيره ويعتمد في ذلك على مواثيق و مبادئ الأمم المتحدة و ما أقرته ايضا محكمة العدل الدولية...

٢- للحقيقة التاريخية أبدى الملك الأب بعد سنوات من الصراع مرونة وحكمة كبيرتين نسفهما الملك الإبن- محمد السادس -بإعادة الصراع إلى بداياته عبر تصريحه الشهير عام 2002: « ..إن فكرة الاستفتاء هي فكرة خارج التاريخ ولا يمكن تنفيذها..».. وهو ماكيف على أنه إنتهاك للشرعية الدولية وخرْق للعهود والمواثيق..

٣- عرفت مشاريع الأمم المتحد للتسوية عرقلة وتعطيل خاصة من الجانب المغربي.. فالمقترح الصحراوي لحل إشكال الهيئة الناخبة هي بالعودة إلى الإحصاء الإسباني لسنة 74

(وهو ماإقترحته الأمم المتحدة أيضا) ، رفضه المغرب وطالب بضرورة إدراج كل شخص موجود في الإقليم في اللوائح الانتخابية بغض النظر عن مسقط رأسه وهو الأمرالذي رفضته الجبهة ... ورغم قبول البوليزايو بذلك لاحقا في مايعرف بخطة بيكر المعدلة رفض المغرب مجددا وهو مايعني مراهنته على المماطلة وتسيير الأزمة بالتعفين..

3- التدخلات الخارجية ..ككل أزمة تتدخل القوى الإستعمارية وتعمل على:

١- ترجيح كفة من يخدمها أكثر من الأنظمة ، ٢- العمل على زيادة التعفين إن كان يخدمها أكثر..

والظاهر أن الغرب المنافق ممثلا في فرنسا خصوصا يجتهد لإطالة عمر الأزمة والإبقاء على بؤرة التوتر بين الجارين(الجزائر/المغرب) حتى لايلتفتا إلى مايجمعهما ويشكلا قوة مغاربية تعرقل مشاريعهم للهيمنة والإستغلال...

٣- بظهور التحالف الغربي مع رأس حربة محور الشر العربي ممثلا في الإمارات نخشى أن تلحق نيران الفتنة إلى منطقتنا لاقدر الله

4- الموقف الجزائري عَرفت تدخلها من أول يوم : بكونه مسألة مبدئية ترتبط بتقرير مصير الشعوب، ودعم قضايا التحرر العادلة عبر العالم...

١- وفي تقديري هذا الموقف الأخلاقي كان مجديا في فترة من الفترات.. والعلاقات أو الصراعات الدولية لاتدار بالأخلاق فقط وخاصة إذا لم تكن القوى متوازنة ..

٢- الأولى أن تكيف الجزائر القضية الصحراوية (..إضافة إلى المبدأ المذكور) بإعتبارها قضية عمق إستراتيجي تتعلق أساسا بحماية مصالحها العليا وحماية أمنها الإقليمي...

٣- فحوالي 200ألف صحراوي يمكن ضمهم إلى الجزائر مقابل حصولها على شريط بري يضمن لها الوصول إلى المحيط الأطلسي(..تنشئ على ساحله ميناء تجاري وآخر للصيد مع قاعدة عسكرية ..) مع منح حق العبور للمغاربة والموريطانيين في الإتجاهين ...

5- ومايلاحظ على هذه الأزمة التي عايشها جيلين على الأقل من الشعبين:

١- فبالرغم من سعي نظامي البلدين لجعلها قضية شعبية وبالتالي إفساد العلاقة الأخوية بينهما، فإن روابط الدين ،اللغة ،الدم والتاريخ تكسرت أمامها كل الخطط والمؤامرات ..

٢- بقي الصراع بين نواتي الحكم الصلبة في كلا البلدين وأفسدوا بسفههم كل محاولات التقارب والتكامل بين الشعبين..

٣- على الرغم من إختلاف السلطتين في البلدين حول الكثير من النقاط إلاأنهما أثبثتا أن بإمكانهما الاتفاق ، بحيث توافقا على نقطة مهمة جدا تتمثل في سباقهما المجنون على التسلح وإصابتهما بهوس إقتناء وإمتلاك أكبر كمية من السلاح والعتاد إستعدادا للحرب على حساب تنمية وتطوير بلديهما ...

ولن ينفع تكديس هذه الأسلحة أحدا ولن يغير جمعها من الوضع الإقتصادي والاجتماعي السيئ لكلا الشعبين ..فبدلا من تبني مشروع الألمانيتن الناجح ، يظهر تبنيهما لمشروع الكوريتين الفاشل..


بقلم الاستاذ رابح لكحل

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات