شخصية الجزائر الدولية في عهد الحكومة العثمانية (احتلال أم حماية؟)
" إنها ولدت أخيراَ " هكذا وصف السياسي الفرنسي جيسكار ديستان الجزائر بعد استقلالها. " لم تكن هناك أبداَ في أي ظرف من التاريخ وبأي شكل كان دولة جزائرية " وهكذا أكد شارل ديغول أن الجزائر ولدت لأول مرة في الأول من نوفمبر 1962م. فلابد أنكم وأمثالكم لم تقرأوا التاريخ ولم تعوا أن الأمازيغ والعرب سكنوا المغرب الأوسط (اسم الجزائر قديماَ) منذ آلاف السنين وشكلوا دولاً وشعبا واحدا فتحوا به الدول والأمصار. ولابد أنكم لم تقرأوا عن الدولة النوميدية، الرستمية، الموحدية، الحمادية، الزيانية والعثمانية _ حين كنا أسيادكم _. وإما أن فيروس التزييف النابليوني قد هشم عقولكم (يرى نابليون أن التاريخ هو مجموعة من الأكاذيب المتفق عليها) فحاولتم فصم عرى تاريخنا وتمزيق صفحاته الذهبية. فإليكم شخصية الجزائر الدولية في عهد الحكومة العثمانية.
عرف المغرب الأوسط بعد سقوط الدولة الموحدية تشتتاً سياسيا وضعفاً عسكرياً جعل الصليبيين يتكالبون علينا كما تتقاتل الأسود على فريستها، فسيطرت اسبانيا على عدة مدن (منها المرسى الكبير، وهران وبجاية)، فاستنجد الإسلام الذي كان في خطر بجنوده الصلاب (استنجد سكان بجاية بالإخوة بربروس لتخليصهم من الاسبان) و ما هي الا بضع سنين حتى تمكن الاخوة بربروس من تثبيت أقدامهم في الجزائر التي ألحقت بأملاك العثمانيين في 1518م، وصارت الجزائر دولة دات سيادة كاملة على أرضها وشعبها وكل شؤونها, وقد أقر بذلك شاهد من أهلها هو المؤرخ دي غرامون " لقد كان الديوان (الحكومة الجزائرية) يتخذ القرارات بكل سيادة فيعلن الحرب ويعقد السلم ويقيم المعاهدات ويقيم أحلافاً دون أن يتساءل إذا ما كان ذلك موافق لسياسة الباب العالي أم لا" وبالتالي فإن دايات الجزائر كانوا رؤساء جمهورية عسكرية لم يبقى لها في آخر عهدها سوى التبعية الاسمية للباب العالي( إسطنبول).لم تمضي إلا سنوات قلائل حتى صار البحر الأبيض المتوسط بحيرة جزائرية تسالم فيه من تشاء وتحارب من تشاء, متحولة في مدة قصيرة من دولة مشتتة إلى رعب أوروبا التي عجزت عن دحر هذه القوة الإقليمية الجديدة رغم محاولة القوى العظمى الأوروبية في اقتلاع وكر القراصنة _ كما يصفها كتاب أوروبا _ وقد وصف المؤرخ الفرنسي قارو الجزائر بالكلمات التالية " لقد ظل الهولنديون, الإنكليز, البندقيون, الجنويون, والمالطيون طوال القرن السادس عشر يشنون حروباً على الجزائر لكنها دحرتهم جميعاً بفضل أسطولها المنظم تنظيماً يستحق الاعجاب "بعد أن قويت شوكة الجزائر العثمانية وسيطرت على البحر المتوسط اتحدت القوى الأوروبية تحت زعامة إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة شارل كان Charles quint وبمباركة البابا سنة 1541م إذ قاد الامبراطور بنفسه جيشاً عرمرماً تشكل من 600 سفينة عليها أكثر من 37 ألف جندي (جيش لم تقاتل الجزائر مثله من قبل) مصطحبين معهم عدد كبير من العائلات لأجل استيطان الجزائر _ كانوا متأكدين من اسقاط العاصمة _ لكن هيهات أن يتحقق ذلك فقد هزمهم الأسطول البحري الجزائري شر هزيمة ومزقهم شر ممزق ليلوذ الامبراطور ومن بقي من أسطوله وهم صاغرون ( الجزائر تهين الدول الأوروبية جملة), وقد وصف المؤرخ الفرنسي كاط هذه الخيبة قائلاً " وكانت تلك الكارثة هي التي غرست في قلوب الأوروبيين عقدة الخوف مدة ثلاث قرون متتالية ".لكن الحملات لم تتوقف وتوالت اذ شنت إنكلترا أكثر من 10 حملات، منها حملة 1682م أين هزم الإنكليز وحجز الجزائريون 350 سفينة تجارية بما فيها من بضائع وأفراد، بعدها عقدت الدولتين معاهدة سلم تخلت على إثرها إنكلترا على ال 350 سفينة ودون المطالبة باسترجاع أسراها (أي هيبة تملكها الجزائر وأي خشية تخشاها الدول العظمى منها) وقد وصف المؤرخ قارو هذه المعاهدة قائلاً " إنها معاهدة سلم مهينة لبريطانيا " (الجزائر تهين دولة عظيمة أخرى).كما شنت اسبانيا 10 غارات باءت كلها بالفشل في اسقاط العاصمة (احتلت اسبانيا وهران حتى 1792م)، مع بداية القرن التاسع عشر زاد إصرار أوروبا على اسقاط الجزائر فاتحدت في 1814م سبع دول (اسبانيا، الدنمارك، روسيا، إنكلترا، هولندا، إيطاليا، بروسيا) لأجل تحقيق هدف عجزت عن تحقيقه منذ 3 قرون لتلي ذلك سلسلة من الحملات فشلت في غالبها.ثلاث قرون من السيطرة البحرية، ثلاث قرون من الصمود، ثلاث قرون من إرعاب أوروبا وأمريكا عبر عنها أحد أبنائهم وهو المؤرخ الفرنسي قارو فقال " لقد ظلت الجزائر طيلة 3 قرون رعب النصرانية وكارثتها، بل وأخضعت ثلاث أرباع أوروبا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية لمهانة الضريبة السنوية " ففي 1795م عقدت الجزائر معاهدة سلم مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد سلسلة من الوساطات والاسترضاءات _بهدف حماية سفنها التجارية في البحر_ لكن بشروط مهينة وجد مرهقة, إذ تدفع أمريكا على اثرها ضريبة سنوية متمثلة في عتاد حربي للجزائر إضافة إلى ضريبة ثانية لأجل عقد المعاهدة (إهانة دولة كبرى أخرى). وقد كانت جل دول أوروبا تدفع الضرائب السنوية بهدف شراء السلم والأمن لتجارتها ولمواطنيها، " وهكذا صارت خزينة الجزائر اغنى خزينة في الكون " كما قال المؤرخ قارو.ذلك ما جعل كبار أوروبا يتسابقون لربح صداقتنا، فهاهم حكام وملوك فرنسا يثنون ويبالغون في الثناء على دايات الجزائر (دائما الأضعف هو من يترجى ويثني على الأقوى) إذ كانوا يخاطبونهم في مراسلاتهم ب:« Illustre et magnifique seigneur le dey de la ville et le royaume d’Alger… »"السيد العظيم والمجيد داي مدينة ومملكة الجزائر..."« Ancien ami et allié de la nation française… »" الصديق القديم وحليف الأمة الفرنسية ..." " لقد أكدت الوقائع التاريخية أن مختلف الحملات الأوروبية قد أثبتت عجز الحكومات والسياسات الأوروبية لما جوبهت بأمة قوية، مصممة ومتحدة" هكذا علق المؤرخ الأمريكي ويليام سبنسر عن مكانة الجزائر قبل الاحتلال. وليس أبلغ من قول لختام الكلام من رأي الكاتب الجزائري مولود قاسم في هذا المقام " لقد كانت الدولة الجزائرية في عهد الدايات خاصة دولة قمقامة، فلم تكن مجرد عضو في مجلس الكبار بل كانت على رأس الأكابر ".إلى مجدنا ..................سنعودالأستاذ عبد النور خالد 29-12-2016م
عرف المغرب الأوسط بعد سقوط الدولة الموحدية تشتتاً سياسيا وضعفاً عسكرياً جعل الصليبيين يتكالبون علينا كما تتقاتل الأسود على فريستها، فسيطرت اسبانيا على عدة مدن (منها المرسى الكبير، وهران وبجاية)، فاستنجد الإسلام الذي كان في خطر بجنوده الصلاب (استنجد سكان بجاية بالإخوة بربروس لتخليصهم من الاسبان) و ما هي الا بضع سنين حتى تمكن الاخوة بربروس من تثبيت أقدامهم في الجزائر التي ألحقت بأملاك العثمانيين في 1518م، وصارت الجزائر دولة دات سيادة كاملة على أرضها وشعبها وكل شؤونها, وقد أقر بذلك شاهد من أهلها هو المؤرخ دي غرامون " لقد كان الديوان (الحكومة الجزائرية) يتخذ القرارات بكل سيادة فيعلن الحرب ويعقد السلم ويقيم المعاهدات ويقيم أحلافاً دون أن يتساءل إذا ما كان ذلك موافق لسياسة الباب العالي أم لا" وبالتالي فإن دايات الجزائر كانوا رؤساء جمهورية عسكرية لم يبقى لها في آخر عهدها سوى التبعية الاسمية للباب العالي( إسطنبول).لم تمضي إلا سنوات قلائل حتى صار البحر الأبيض المتوسط بحيرة جزائرية تسالم فيه من تشاء وتحارب من تشاء, متحولة في مدة قصيرة من دولة مشتتة إلى رعب أوروبا التي عجزت عن دحر هذه القوة الإقليمية الجديدة رغم محاولة القوى العظمى الأوروبية في اقتلاع وكر القراصنة _ كما يصفها كتاب أوروبا _ وقد وصف المؤرخ الفرنسي قارو الجزائر بالكلمات التالية " لقد ظل الهولنديون, الإنكليز, البندقيون, الجنويون, والمالطيون طوال القرن السادس عشر يشنون حروباً على الجزائر لكنها دحرتهم جميعاً بفضل أسطولها المنظم تنظيماً يستحق الاعجاب "بعد أن قويت شوكة الجزائر العثمانية وسيطرت على البحر المتوسط اتحدت القوى الأوروبية تحت زعامة إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة شارل كان Charles quint وبمباركة البابا سنة 1541م إذ قاد الامبراطور بنفسه جيشاً عرمرماً تشكل من 600 سفينة عليها أكثر من 37 ألف جندي (جيش لم تقاتل الجزائر مثله من قبل) مصطحبين معهم عدد كبير من العائلات لأجل استيطان الجزائر _ كانوا متأكدين من اسقاط العاصمة _ لكن هيهات أن يتحقق ذلك فقد هزمهم الأسطول البحري الجزائري شر هزيمة ومزقهم شر ممزق ليلوذ الامبراطور ومن بقي من أسطوله وهم صاغرون ( الجزائر تهين الدول الأوروبية جملة), وقد وصف المؤرخ الفرنسي كاط هذه الخيبة قائلاً " وكانت تلك الكارثة هي التي غرست في قلوب الأوروبيين عقدة الخوف مدة ثلاث قرون متتالية ".لكن الحملات لم تتوقف وتوالت اذ شنت إنكلترا أكثر من 10 حملات، منها حملة 1682م أين هزم الإنكليز وحجز الجزائريون 350 سفينة تجارية بما فيها من بضائع وأفراد، بعدها عقدت الدولتين معاهدة سلم تخلت على إثرها إنكلترا على ال 350 سفينة ودون المطالبة باسترجاع أسراها (أي هيبة تملكها الجزائر وأي خشية تخشاها الدول العظمى منها) وقد وصف المؤرخ قارو هذه المعاهدة قائلاً " إنها معاهدة سلم مهينة لبريطانيا " (الجزائر تهين دولة عظيمة أخرى).كما شنت اسبانيا 10 غارات باءت كلها بالفشل في اسقاط العاصمة (احتلت اسبانيا وهران حتى 1792م)، مع بداية القرن التاسع عشر زاد إصرار أوروبا على اسقاط الجزائر فاتحدت في 1814م سبع دول (اسبانيا، الدنمارك، روسيا، إنكلترا، هولندا، إيطاليا، بروسيا) لأجل تحقيق هدف عجزت عن تحقيقه منذ 3 قرون لتلي ذلك سلسلة من الحملات فشلت في غالبها.ثلاث قرون من السيطرة البحرية، ثلاث قرون من الصمود، ثلاث قرون من إرعاب أوروبا وأمريكا عبر عنها أحد أبنائهم وهو المؤرخ الفرنسي قارو فقال " لقد ظلت الجزائر طيلة 3 قرون رعب النصرانية وكارثتها، بل وأخضعت ثلاث أرباع أوروبا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية لمهانة الضريبة السنوية " ففي 1795م عقدت الجزائر معاهدة سلم مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد سلسلة من الوساطات والاسترضاءات _بهدف حماية سفنها التجارية في البحر_ لكن بشروط مهينة وجد مرهقة, إذ تدفع أمريكا على اثرها ضريبة سنوية متمثلة في عتاد حربي للجزائر إضافة إلى ضريبة ثانية لأجل عقد المعاهدة (إهانة دولة كبرى أخرى). وقد كانت جل دول أوروبا تدفع الضرائب السنوية بهدف شراء السلم والأمن لتجارتها ولمواطنيها، " وهكذا صارت خزينة الجزائر اغنى خزينة في الكون " كما قال المؤرخ قارو.ذلك ما جعل كبار أوروبا يتسابقون لربح صداقتنا، فهاهم حكام وملوك فرنسا يثنون ويبالغون في الثناء على دايات الجزائر (دائما الأضعف هو من يترجى ويثني على الأقوى) إذ كانوا يخاطبونهم في مراسلاتهم ب:« Illustre et magnifique seigneur le dey de la ville et le royaume d’Alger… »"السيد العظيم والمجيد داي مدينة ومملكة الجزائر..."« Ancien ami et allié de la nation française… »" الصديق القديم وحليف الأمة الفرنسية ..." " لقد أكدت الوقائع التاريخية أن مختلف الحملات الأوروبية قد أثبتت عجز الحكومات والسياسات الأوروبية لما جوبهت بأمة قوية، مصممة ومتحدة" هكذا علق المؤرخ الأمريكي ويليام سبنسر عن مكانة الجزائر قبل الاحتلال. وليس أبلغ من قول لختام الكلام من رأي الكاتب الجزائري مولود قاسم في هذا المقام " لقد كانت الدولة الجزائرية في عهد الدايات خاصة دولة قمقامة، فلم تكن مجرد عضو في مجلس الكبار بل كانت على رأس الأكابر ".إلى مجدنا ..................سنعودالأستاذ عبد النور خالد 29-12-2016م
تعليقات
إرسال تعليق